إنّها واحدة من تلك العلامات التجارية التي تتمتّع بحضور قويّ للغاية في حياتنا اليومية. لدرجة أصبحت معها مرادفة لمنتجاتها. كثيرون من ألغوا جملة: "أشاهد فيلمًا، أو مسلسلاً" من قواميسهم، واستبدلوها بجملة: "سأشاهد Netflix". وهو أمر ليس مستغربًا فقد تمكّنت هذه الشركة من إحداث تغيير جذري في طريقة تعاملنا مع وسائط الإعلام، لتنقلنا من مرحلة البث التلفزيوني، إلى مرحلة البثّ عبر الإنترنت أو الـ streaming.
سواءً كنت من متابعي Netflix الذين يزيد عددهم عن الـ 130 مليون متابع، أم لا، فإبقاء عينيك مفتوحتين على هذه الشركة، تعدّ فكرة حسنة. إن لم يكن ذلك بهدف التسلية، فبهدف اعتبارها قدوة في عملية التوسع الاستراتيجي على المستوى العالمي.
إن كنت تملك مشروعًا خاصًّا، أو تسعى لأن تصبح رائد أعمال مستقبلاً، وترغب في معرفة المزيد حول كيفية نقل مشروعك إلى المرحلة التالية، وتوسيعه على المستوى العالمي، سيساعدك فهم الاستراتيجية التي اتبعتها شركة نيتفليكس في مساعيك بلا شكّ.
شركة Netflix: التوسّع العالمي ودور البيانات
كان التوسّع الدولي بالنسبة إلى Netflix، عملية دقيقة محسوبة جيدًا، حيث بدأت جهود التوسع هذه سنة 2010، بهدف تعويض تباطؤ النمو المحلي.
لم تكن استراتيجية التوسّع الدولي التي اتبعتها الشركة خارجة عن المألوف، فقد سعت Netflix إلى اختراق الأسواق المجاورة جغرافيًا وثقافيًا لبلدِ المنشأ (الولايات المتحدة الأمريكية). وهكذا بدأ التوسّع في كندا أولاً، ثمّ أمريكا اللاتينية، وتلت بعد ذلك أوروبا محقّقة نتائج مدهشة.
ليس هذا وحسب، فقد حرصت الشركة على الدوام أن تدخل هذه الأسواق الجديدة من خلال إطار زمني محدود. الأمر الذي أتاح لها الفرصة لتقليل المخاطر المحتملة، وجمع بيانات أولية من عدد محدود من المستخدمين.
كان لهذه البيانات دور مهمّ للغاية في عملية التوسّع العالمي، فمن خلالها أصبح باستطاعة Netflix بناء نموذج أعمال خاصّ بكلّ منطقة تستهدف التوسع فيها.
اقرأ أيضًا: كيف تحصل على منحة مالية لتمويل مشروعك؟
كيف تمكّنت Netflix من المضي أبعد من الأقلمة
تعدّ الأقلمة أو الـ Localization خطوة طبيعية يتعيّن على كلّ شركة تسعى للتوسّع عالميًا القيام بها. وتتضمّن عملية الأقلمة أمورًا مثل:
- ترجمة المحتوى وتكييفه ليتناسب مع الاختلافات الثقافية بين البلدان.
- تعديل ومواءمة خطّة التسويق لتتناسب رسالة الشركة مع السوق العالمي والعملاء الجدد.
لم يخفَ على شركة Netflix العالمية القيام بالأقلمة، غير أنّها لم تكتفِ بترجمة المحتوى وتعديله وحسب، بل ذهبت لأبعد من ذلك بكثير.
بالإضافة إلى تطوير تصاميمها لتتناسب مع الجمهور الجديد، وتقديم تجربة مستخدم مميزة، وترجمة ذات جودة عالية بمختلف اللغات، بدأت Netflix بإضافة محتوى جديد لزيادة تفاعل جمهورها الجديد وجذبه إليها.
ومن خلال تحليل البيانات الأولية في أسواقها الجديدة، اكتشفت الشركة أنّ المنافسين المحليّين يمتلكون ميزة إضافية من خلال إلمامهم بالمحتوى المحلّي. فكانت النتيجة أن تعاقدت معهم وبدأت ببناء شراكات مع شركات الإنتاج المحلية للخروج بمسلسلات وأفلام جديدة كليّة تجذب الجمهور في هذا البلد أو الإقليم.
معلومة: في عام 2016 استثمرت شركة Netflix ما يقارب 5 مليارات دولار لإنتاج محتوى عالمي. كما أنّها اشترت تراخيص البثّ الحصرية للمحتوى المحلّي الذي تمّ إنتاجه. |
ليس هذا وحسب، فقد سعت الشركة لتطوير خوارزمياتها كي تتيح بذلك للمستخدمين إمكانية العثور على ما يبحثون عنه بالضبط في مكتبتها الواسعة من الأفلام والمسلسلات والبرامج العالمية.
وبعد إدراكها بأنّ الهواتف الذكية هي الوسيلة الأكثر شيوعًا بين مستخدمي الإنترنت في يومنا هذا، حرصت Netflix على تكييف واجهتها لمستخدمي هذه الأجهزة. كما عقدت شراكات مع شركات الاتصالات المحليّة، لتجنّب مستخدميها دفع أيّ رسوم اشتراك عالمية.
اقرأ أيضًا: 5 خطوات للعثور على مشروع يروي شغفك ويحقق لك الربح
ما هي التحديّات التي واجهتها Netflix خلال عملية التوسّع؟
على الرغم من النجاح الباهر الذي حقّقته شركة Netflix غير أنّ دربها للانتشار العالمي لم يكن مفروشًا بالزهور!
ومن الأمثلة على العقبات والتحديّات التي واجهتها، نذكر الآتي:
- رفضت محطات التلفاز الأسترالية دخول Netflix إلى البلاد لأنه تم تصنيفها كشركة تكنولوجيا بدلاً من مؤسسة بثّ، وذلك يعني عدم التزامها لقواعد البثّ المحليّة.
- في عام 2016 استنكر مجلس تصنيف الأفلام الكيني Kenya Film Classification Board بعض المحتوى المنشور في كتالوج القناة، بحجّة أنّه يهدّد القيم الأخلاقية للشعب الكيني.
- منعت حكومات كلّ من إندونيسيا، وفيتنام وماليزيا انتشار قناة Netflix نظرًا لأنها لم تلتزم بسياسات الرقابة المفروضة عليها.
- بالإضافة إلى التحدّيات السابقة، فقد منعت الاختلافات القانونية هذه الشركة من الوصول إلى أحد أكبر الأسواق العالمية الواعدة، ألا وهو السوق الصيني.
- على صعيد آخر، لم تتمكّن منصة المحتوى المرئي الأمريكية هذه، من التغلّب على منافسيها في الهند. والتي نجد فيها على سبيل المثال منصات عرض رئيسية مثل Hotstar أو Eros، حيث تمتلك منصّة Eros حاليًا ما يزيد على 30 مليون متابع وأكثر من 3 آلاف فيلم من أفلام بوليوود.
- هذا بالإضافة للعديد من المشاكل التقنية المرتبطة بالاتصال بشبكة الإنترنت في عدد من دول العالم التي لا تمتلك سرعات إنترنت كبيرة تسمح للمستخدمين بمتابعة المحتوى المرئي المتاح على المنصّة.
ما هو الدرس المستفاد من تجربة Netflix؟
تعمل شركة Netflix في يومنا هذا فيما يزيد على 190 دولة حول العالم. وحتى تصل إلى هذا التوسّع العالمي، كان لابدّ من اتّباع منهجية مدروسة ومخطّط لها، مدعومة بالبيانات والمعلومات الأساسية، وموجّهة للمستخدمين المحليين في هذه البلدان.
وهنا يجدر التنبيه، لا يمكنك الوصول إلى جميع أنحاء العالم مرّة واحدة. لذلك:
- ابدأ بالدول المجاورة لك، والتي لن يسبّب لك الانتشار فيها أيّ عقبات ثقافية أو قانونية تذكر.
- خلال هذه العملية، احرص على توثيق التحدّيات التي تواجهها، والعمل على التغلّب عليها، ثمّ الاستفادة منها مستقبلاً.
- تجنّب اتخاذ القرارات المكلفة جدًا في بداية عملية التوسّع، فكلّما زادت التكلفة، كانت حاجتك أكبر للبيانات التي تؤكّد صحّة ما تقوم به.
- ركّز على تقديم تجربة مستخدم ذات مستوى عالٍ، حتى وإن كانت تستهدف بقعة جغرافية محدودة.
- تعرّف على جمهورك المستهدف جيّدًا حتى تتمكّن من أقلمة المحتوى الذي تقدّمه معه وغيّر خطتك التسويقية لتتناسب مع هذا الجمهور الجديد وتتمكّن من جذبه إليك.
- أخيرًا، ضع في حسبانك أنّ عملية التوسّع العالمي، وأقلمة مشروعك الخاص وتكييفه مع دول مختلفة ليس مهمّة سهلة، فهو ينطوي على جهود لغوية وثقافية وتقنية عالية.
ترجمة موقع شركتك الإلكتروني إلى اللغة المحلية لبلد ما، قد لا يكون كافيًا للنجاح في السوق الأجنبي. إذ يجب عليك السعي أكثر لبناء علاقات حقيقية طويلة الأمد مع عملائك، والحرص على تقديم خدمات تنافس الخدمات المحلية المتوفّرة لهم، أو عقد شراكات مع هؤلاء المنافسين.
المصدر: daytranslations
اقرأ أيضًا: ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وأهم مجالاته
اقرأ أيضًا: خمس أفكار لمشاريع الريادة الاجتماعية للشباب
اقرأ أيضًا: تعرف على كل ما يتعلق بمصطلح ريادة الأعمال!
