مستقبل الطاقة: هندسة البترول والتجديد
مع اتِّجاه العالم بسرعةٍ كبيرة نحو مستقبل طاقة أقل تلويثًا للبيئة وأكثر استدامة، يبرز سؤال واحد في الواجهة: هل لا يزال هناك مجال لهندسة البترول في عصر الطاقة المُتجدِّدة؟ لعقودٍ من الزمن، ساهم مهندسو البترول في تزويد العالم بالطاقة من خلال تكنولوجيا الحفر العميق والاستخراج، وبناء بنى تحتيَّة ضخمة، بالإضافة إلى عمليَّات النقل والتكرير وغيرها. أمَّا الآن، ومع تزايد المخاوف المناخيَّة من ناحية، والتقدُّم التكنولوجي السريع من ناحيةٍ أخرى، فإنَّ مُعادلة الطاقة تتغيَّر في ظل البحث عن بدائل نظيفة وأكثر استدامة.
ومع ذلك، بدلًا من أن تتلاشى هندسة البترول في الخلفيَّة ليتم استبدالها بتكنولوجيا الطاقة المُتجددة، فإنَّها تتطوَّر بطرق جديدة وغير مُتوقَّعة لتواكب مُتطلِّبات العصر الحالي. من حقول النفط الرقميَّة واحتجاز الكربون إلى آبار الطاقة الحراريَّة الأرضية والبنية التحتية للهيدروجين، لم يعد مهندسو البترول اليوم مُجرَّد خبراء في النفط والغاز، بل أصبحوا خبراء في عمليَّة تحوُّل الطاقة بالكامل.
وفي هذا المقال، سنشرح بالتفصيل الطريقة التي تتكيَّف بها هندسة البترول مع مستقبل الطاقة وكيف قامت بإعادة ابتكار نفسها لمواجهة تحديَّات الطاقة والمناخ. وبعد قراءة هذا المقال، ستُدرك أنَّ هندسة البترول لم تعد مجالًا تقليديًا على وشك الاختفاء، بل تطوَّرت لتقود عصر الطاقة الجديدة الذي نحن بصدده.
اقرأ أيضًا: فرص العمل في مجال هندسة البترول
هل تبحث عن مساعدة في اختيار تخصصك الجامعي؟ تواصل الآن مع أحد خبراء فرصة المختصّين لتحديد التخصص الجامعي الأنسب لك. احجز جلسة اختيار التخصص الجامعي/ المهني الآن
هل سيختفي دور هندسة البترول في المستقبل؟
يُمكن القول أنَّنا نعيش الآن في أحد أكثر الأزمنة في التاريخ الحديث التي شهدت تغييرًا كبيرًا في شكل الطاقة. فقد انتقل النقاش العالمي من مُجرَّد البحث عن النفط والغاز واستخدامهما لتوليد الطاقة إلى التساؤل عن كيفيَّة إنتاجهما، ومدى نظافتهما وتأثرهما على البيئة. بمعنى آخر، لم يُعد العالم مُهتمًا بتوليد الطاقة فحسب، بل بالطريقة التي يتم توليدها بها والتأثيرات البيئيَّة الناتجة.
لعقودٍ، ركَّزت هندسة البترول في جوهرها على إنتاج أكبر قدر مُمكن من النفط والغاز، مع تركيز ضئيل في كثير من الأحيان على الآثار البيئيَّة. أما اليوم، فقد تغير هذا التوجُّه. فبسبب تزايد الضغط لخفض انبعاثات الكربون، توجَّهت هندسة البترول إلى تقنيَّات أنظف وأقل ضررًا للبيئة.
في الواقع، كان لابد لمجال هندسة البترول أن يتعرَّض للكثير من التطوير ليتمكَّن من المواكبة. لقد بدأت الكثير من الحكومات حول العالم بوضع أهداف مناخيَّة طموحة، واستثمرت الكثير من الشركات في الطاقة البديلة. ونتيجةً لذلك، يجد مهندسو البترول أنفسهم الآن عند مفترق طرق بين النموذج التقليدي للطاقة والنموذج الحديث.
اقرأ أيضًا: دليلك الشامل لأفضل التخصُّصات الهندسيَّة
وبالطبع لا يعني هذا التحوُّل التخلي عن النفط والغاز بين عشيةٍ وضحاها، حيث لا يزال العالم يعتمد بشكلٍ كبير على الوقود الأحفوري، وهذا الواقع لن يتغيَّر على المدى القريب. لكنَّ هذا يعني أنَّ أساليب الاستكشاف والحفر والإنتاج يجب أن تصبح أكثر ذكاءً ونظافةً. وهنا يجب الحديث عن التطوير الي دخل إلى هندسة البترول.
لقد أصبح مهندسو البترول يستخدمون تقنيَّات مُتقدِّمة، مثل الذكاء الاصطناعي والمراقبة عن بُعد وتحليل البيانات آنيًا، لتحسين العمليَّات وتقليل الأثر البيئي. كما بدأوا بتطوير ما يُعرف بالاستخلاص المُعزَّز للنفط (EOR) وتقليل النفايات، مستفيدين من كل قطرة نفط تُحدث فرقًا إيجابيًا مع تقليل البصمة البيئية.
ولعلَّ الأهم من ذلك كله أنَّ دور مهندس البترول أصبح أكثر تعدُّدًا في التخصصات، حيث يتعاون الآن مع علماء البيئة والاقتصاديين وصانعي السياسات لضمان تلبية المشاريع لاحتياجات الطاقة ومعايير المناخ في نفس الوقت.
اقرأ أيضًا: أهمية هندسة البترول في الاقتصاد العالمي
ما هو دور الذكاء الاصطناعي في هندسة البترول؟
لطالما اشتهرت هندسة البترول بالآلات الثقيلة والعمليات اليدويَّة الميدانيَّة في مواقع استخراج النفط والغاز، ولكنَّها تشهد الآن ثورةً تكنولوجية، مدعومةً بالذكاء الاصطناعي. فمع تزايد الضغوط على قطاع النفط والغاز لخفض التكاليف وتحسين الكفاءة وتلبية المعايير البيئيَّة، برز الذكاء الاصطناعي كأداة قويَّة أحدثت نقلةً نوعيَّةً في طريقة عمل مهندسي البترول وشركات الطاقة.
لا يقتصر الذكاء الاصطناعي في قطاع النفط والغاز على الأتمتة فحسب، بل يشمل أيضًا اتخاذ القرارات الذكيَّة، بدءًا من التنبؤ بأعطال المُعدَّات قبل حدوثها، وصولًا إلى تحديد مواقع الحفر المثاليَّة باستخدام مجموعات بيانات جيولوجيَّة ضخمة.
على سبيل المثال، يُمكن لخوارزميات التعلُّم الآلي تحليل البيانات الفوريَّة من منصات الحفر لتقليل خطر انفجار الآبار وزيادة إنتاجيَّتها. في الواقع، ما كان يستغرق أيامًا من التحليل اليدوي يُمكن إنجازه الآن في ثوانٍ بدقَّة أعلى.
كيف يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في الحفر والإنتاج؟
يُمكن للبرامج المُدارة بالذكاء الاصطناعي محاكاة آلاف السيناريوهات لتحديد أكثر طرق استخراج النفط والغاز كفاءةً، مما يُوفِّر الوقت ويُعزِّز العائد إلى أقصى حد. يتيح هذا لمُهندسي البترول تطوير استراتيجيَّات أكثر دقَّة لاستخراج النفط والغاز مع تقليل الاضطراب البيئي. وبالمثل، يُمكن لأدوات تفسير الزلازل المدعومة بالذكاء الاصطناعي غربلة كميَّات هائلة من البيانات الجوفيَّة، واكتشاف أنماط قد لا تراها العين البشرية، مما يؤدي إلى نتائج استكشاف أفضل.
إلى جانب عمليَّة الاستخراج، يُعيد الذكاء الاصطناعي صياغة أعمال الصيانة من خلال التحليلات التنبؤيَّة. فمن خلال المراقبة المستمرة للمُعدَّات مثل المضخات والضواغط وخطوط الأنابيب، يُمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التنبؤ باحتماليَّة تعطُّل أحد المكونات وتفعيل الصيانة الاستباقية. لا يقتصر هذا النهج على منع فترات التوقف المكلفة فحسب، بل يُعزز أيضًا السلامة ويُقلل الانبعاثات الناتجة عن أعطال النظام أو التسريبات.
إنَّ ما يجعل تطوُّر الذكاء الاصطناعي مثيرًا للاهتمام بشكلٍ خاص هو تمكينه لمهندسي البترول. فبدلاً من أن يحل محلهم، أصبح الذكاء الاصطناعي أداةً تُوسّع قدراتهم، مما يسمح لهم بالتركيز على المهام الاستراتيجيَّة بينما يتولى الذكاء الاصطناعي الأعمال المتكررة أو التي تعتمد على البيانات.
ومع تزايد الطلب على طاقة أنظف وأكثر كفاءة، سيتوسَّع دور الذكاء الاصطناعي في قطاع النفط والغاز. وسيكون المهندسون الذين يجيدون استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في طليعة عصر جديد في هندسة البترول.
كل ما تريد معرفته عن هندسة النفط | هندسة البترول - Petroleum Engineering
هل ستحل هندسة الطاقة المُتجددة محل هندسة البترول؟
مع تفاقم أزمة المناخ وتزايد وعي العالم بأثره البيئي، يتعرَّض قطاع النفط والغاز إلى ضغطٍ متزايد، حيث يُذكِّرنا ارتفاع درجات الحرارة العالميَّة، وذوبان القمم الجليديَّة، بأنَّ استمرار الوضع على ما هو عليه أصبح خطيرًا.
بالنسبة لمُهندسي البترول، يعني هذا أنَّهم بحاجة إلى إيجاد توازن دقيق بين الاستمرار في تلبية احتياجات العالم الكبيرة من الطاقة - التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري - مع تقليل الانبعاثات والتأثير البيئي في الوقت نفسه. لم يعد الأمر يقتصر على إنتاج المزيد من النفط أو الغاز، بل يتعلق بإنتاج الطاقة بكفاءة أعلى وبضرر أقل على البيئة.
الطاقة النظيفة لا تعني طاقة أقل!
قد يعتقد البعض أنَّ الضغط من أجل مصادر طاقة أقل ضررًا للبيئة قد يؤدي إلى اختفاء قطاع النفط والغاز مع الوقت، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ الدعوة إلى طاقة نظيفة لا تعني بالضرورة دعوة إلى طاقة أقل. فالطلب العالمي مستمرٌ في الارتفاع، وخاصةً في الاقتصادات الناشئة. ما يتغيَّر فقط هو كيفيَّة إنتاج هذه الطاقة. وبالتالي، أصبحت تقنيَّات الاستخراج النظيف، وأنظمة إدارة النفايات النفطيَّة، ودمج مصادر الطاقة المتجددة أجزاءً أساسيَّة من عمليات البترول.
ويتصدَّر مهندسو البترول هذا التغيير، حيث يعملون على كل شيء بدءًا من احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) وصولًا إلى تقنيَّات الحفر البحري الأكثر استدامة والحلول الرقمية التي تقلل من هدر الطاقة. بمعنى آخر، لم يعد مهندسو البترول مُجرَّد مُزوِّدي طاقة، بل أصبحوا قادرين على حل مشاكل الطاقة، مع وضع البيئة في الاعتبار.
وبالتالي، فإنَّ جميع هذه الضغوط ساهمت في تطوير تقنيَّات هندسة البترول لكنها لن تؤدي إلى التخلي عن هذا المجال الهام سواءً على المدى القريب أو البعيد
اقرأ أيضًا: تخصص الهندسة الجيولوجية - Geological Engineering
ما هي الابتكارات التي حدثت في هندسة البترول لتواكب مستقبل الطاقة؟
عندما يُفكِّر الناس في الابتكار، غالبًا ما ينظرون إلى الشركات التقنيَّة الناشئة أو مشاريع الطاقة المتجددة، مُستبعدين تمامًا أن يكون للابتكار دور في مجال هندسة البترول التقليدي. لكنَّ الابتكار لا يزال حيًا صناعة النفط والغاز التقليديَّة، مدفوعًا بالضرورة والحاجة إلى التكيُّف. بمعنى آخر، لم تعد هندسة البترول مُجرَّد عمليَّة تشغيل تقني للآلات فحسب، بل أصبحت مجالًا قائمًا على الابتكار. وفيما يلي أبرز صور الابتكار التي حدثت في مجال هندسة البترول:
أولًا: التحوُّل الرقمي في حقول النفط
لعلَّ أبرز موجة ابتكار دخلت في قطاع النفط والغاز هي الرقمنة، حيث أصبح مهندسو البترول يعتمدون على العديد من التقنيَّات الرقميَّة الحديثة مثل أجهزة الاستشعار الذكيَّة، والحوسبة السحابيَّة، والتحليلات الآنيَّة، والمنصَّات المُدارة بالذكاء الاصطناعي، والتي تساعد في اتِّخاذ القرارات بشكلٍ أسرع وأكثر دقةً من أي وقت مضى.
يعتمد المهندسون الآن على ما يُعرف بالتوائم الرقميَّة - وهي نُسخ افتراضيَّة من الأنظمة المادية - لمحاكاة العمليَّات قبل حدوثها. يسمح هذا بتخطيطٍ أفضل، واكتشاف مبكر للمُشكلات المحتملة. وبالتالي، ما كان يتطلَّب سابقًا وجود فريق في الموقع، أصبح الآن يُنجز عن بُعد من خلال أنظمة مراقبة وتحكُّم ذكيَّة.
ثانيًا: الاستخلاص المعزز للنفط (EOR)
غالبًا ما تُخلِّف طرق الاستخراج التقليديَّة كميات كبيرة من النفط، وهنا يأتي دور تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط (EOR) التي عزَّزت من كميَّات الطاقة يُمكننا استخلاصها من الحقول الحالية. بدءًا من حقن الغاز والغمر الكيميائي وصولًا إلى تقنيَّة الاستعادة الميكروبيَّة، تُساعد هذه الأساليب المبتكرة على تعظيم الإنتاج مع تقليل الحاجة إلى عمليَّات حفر جديدة، وهو ما يُعدّ مكسبًا كبيرًا من ناحية كلٍ من الكفاءة والبيئة.
بالإضافة إلى ذلك، تم دمج تقنيَّات الاستخلاص المعزز للنفط الجديدة مع جهود إدارة الكربون. على سبيل المثال، يُنظر الآن إلى حقن ثاني أكسيد الكربون - الذي كان يُستخدم سابقًا لاستخراج المزيد من النفط فقط - كوسيلة لتخزين الكربون تحت الأرض، مما يُساعد على تقليل تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.
ثالثًا: استخدام الأتمتة والروبوتات
يحمل العمل في منصَّات الحفر البحريَّة أو بيئات الحفر عالية الضغط مخاطر كبيرة. واليوم، تتدخَّل الأتمتة والروبوتات للتعامل مع العديد من المهام الأكثر خطورة. على سبيل المثال، تفحص الطائرات بدون طيَّار خطوط الأنابيب، وتراقب الروبوتات تحت الماء (ROVs) المعدات تحت سطح البحر، وتدير الأنظمة الذاتيَّة الحفر بدقَّة وسرعة.
لا تقتصر هذه الابتكارات على السلامة فحسب، بل إنَّها تُقلِّل أيضًا من الأخطاء البشريَّة، وتخفض التكاليف، وتُمكّن من إجراء العمليات في مواقع كانت يصعب الوصول إليها سابقًا.
رابعًا: تقنيَّات أقل تلويثًا للبيئة في التكرير والنقل
لا يقتصر الابتكار في هندسة البترول على الاستخراج فحسب، فمصافي النفط - التي غالبًا ما تُعتبر عمليَّاتها كثيفة التلوث - تعتمد الآن تقنيَّات تكرير أنظف. وتشمل هذه التقنيَّات إزالة الكبريت باستخدام الهيدروجين، والمحفزات الموفرة للطاقة، وأنظمة التقاط الكبريت والكربون قبل إطلاقهما في الغلاف الجوي.
وبالمثل، يتم تحديث أنظمة خطوط الأنابيب والنقل بتقنيَّات ذكية للكشف عن التسرُّبات، وأتمتة التحكُّم في الضغط، والخدمات اللوجستيَّة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضًا: هندسة التعدين - Mining Engineering
ما هو دور هندسة البترول في تجديد شكل الطاقة في العالم؟
في ظل التحوُّل العالمي نحو طاقة أنظف، تبرز حقيقة مفاجئة: مهندسو البترول ليسوا مُهمَلين، بل لهم دور كبير جدًا في هذا التحوُّل. فبدلًا من مُشاهدة قطاع الطاقة وهو يغادر هندسة البترول ويتجه إلى هندسة الطاقة المُتجددة، يجد مُهندسو البترول لأنفسهم أدوارًا كثيرة ومؤثرة في قطاع الطاقة النظيفة. وفيما يلي أهم الأدوار التي يُمكن أن يقوم بها مُهندسو البترول في تجديد شكل الطاقة:
أولًا: مهارات هندسة البترول القابلة للنقل لقطاعات أخرى
ترتكز هندسة البترول على مواضيع مثل تحليل باطن الأرض، وميكانيكا الموائع، والديناميكا الحراريَّة، وإدارة المشاريع واسعة النطاق. ولا تقتصر هذه الكفاءات على النفط والغاز، بل إنها قيّمة بنفس القدر في العديد من قطاعات الطاقة المُتجددة. سواءً تعلَّق الأمر بإدارة خزانات الطاقة الحرارية الأرضيَّة، أو هندسة خطوط أنابيب الهيدروجين، أو تصميم أنظمة تخزين الطاقة، فإن الأساس مُتاحٌ بالفعل.
وبالتالي، تُتيح هذه المهارات لمُهندسي البترول آفاقًا جديدة كليًا، حيث يُمكنهم تطبيق خبراتهم على أحدث التقنيَّات التي تُساعد في إزالة الكربون من مزيج الطاقة العالمي.
ثانيًا: دخول هندسة البترول قطاع الطاقة الحراريَّة الأرضيَّة
من بين جميع مصادر الطاقة المُتجدِّدة، تُعدّ الطاقة الحراريَّة الأرضيَّة الخيار الأنسب لمهندسي البترول. فهي تشمل الحفر في أعماق الأرض، وتحليل التكوينات الصخريَّة، وإدارة الحرارة الجوفيَّة وتدفُّق السوائل، وهي جميعًا مهام تتوافق تمامًا مع عمليات استخراج النفط والغاز التقليديَّة.
في الواقع، تتجه العديد من شركات خدمات حقول النفط الآن إلى تنويع أنشطتها في تطوير الطاقة الحرارية الأرضية، وتوظف مهندسي بترول لقيادة هذا المجال. وبالتالي، فإنَّ المهندسون الذين كانوا يحفرون بحثًا عن النفط سابقًا، يحفرون الآن للحصول على حرارة مستدامة لتزويد مجتمعات بأكملها بالطاقة. إنه نفس العلم، ولكن بهدف أكثر مراعاةً للبيئة.
اقرأ أيضًا: هندسة الطاقة البديلة والمتجددة - Renewable and Alternative Energy
ثالثًا: تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)
يُعد احتجاز الكربون وتخزينه من أكثر الأدوات الواعدة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصناعيَّة، ويتمتَّع مهندسو البترول بمؤهلات فريدة لإنجاحه. تجعلهم معرفتهم العميقة بالجيولوجيا الجوفيَّة، وسلوك الخزَّانات، وتقنيَّات الحقن مُرشَّحين مثاليين لتصميم وإدارة مشاريع احتجاز الكربون وتخزينه.
في كثير من الحالات، تُنفَّذ مشاريع التقاط الكربون وتخزينه في منشآت النفط والغاز القائمة، مما يُطمس الخطوط الفاصلة بين الطاقة التقليدية والتكنولوجيا النظيفة. ويُعد دور المهندس هنا تحويليًا من استخراج الوقود الكربوني إلى المساعدة في إعادة الكربون بأمان إلى باطن الأرض.
رابعًا: دور هندسة البترول في إنتاج الهيدروجين الأخضر!
مع اكتساب الهيدروجين زخمًا كوقود نظيف، يتزايد انخراط مهندسي البترول في بناء البنية التحتيَّة اللازمة، حيث تمنحهم خبرتهم في خطوط الأنابيب وأنظمة الضغط العالي ومعالجة الغاز ميزةً كبيرةً في تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، خاصةً عندما يُنتَج الهيدروجين من الغاز الطبيعي مع احتجاز الكربون.
في هذا المجال، لا يُساهم مهندسو البترول في تطوير إنتاج الهيدروجين فحسب، بل يُساعدون أيضًا في حل تحديات النقل والتخزين التي ستُحدد نجاح الهيدروجين في الأسواق العالميَّة.
خامسًا: دور هندسة البترول في طاقة الرياح البحريَّة!
يجد مهندسو البترول الذين عملوا في منصَّات النفط البحرية الآن فرصًا في مجال طاقة الرياح البحريَّة، حيث تُعدّ خبرتهم في الهندسة الإنشائيَّة والخدمات اللوجستيَّة قيّمة للغاية لتطوير مزارع الرياح البحريَّة وتركيب التوربينات تحت الماء.
في بعض الحالات، تُعيد الشركات استخدام منصات النفط المُعطلة وتحويلها إلى منصات لأنظمة الطاقة المتجددة، مما يُنشئ جسرًا حقيقيًا بين النفط والغاز ومصادر الطاقة المُتجدِّدة.
اقرأ أيضًا: الهندسة الميكانيكية - Mechanical Engineering
فرص عمل تصفح جميع فرص العمل والتدريب المتاحة على موقع فرصة تصفَّح الآن
ختامًا، كانت هذه نظرة شاملة عن الدور الذي ستلعبه هندسة البترول في مستقبل الطاقة الجديد، في ظل الحاجة إلى مصادر طاقة أقل تلويثًا للبيئة وأكثر استدامة. فهندسة البترول ليست - كما يعتقد البعض - جزءًا من الماضي، بل هي تخصُّص لا يتوقَّف عن التطوُّر ليكون جزءًا من مستقبل الطاقة في العالم.
سواءً من خلال الابتكار الرقمي، أو استخدام التعلُّم الآلي والذكاء الاصطناعي، أو أساليب الاستخراج الأقل تلويثًا والأعلى كفاءةً، أو التكامل مع أنظمة الطاقة المتجددة، أو الاستخدام الفعَّال للكربون، يُثبت مهندسو البترول أنَّهم قادرون على أن يكونوا جزءاً من الحل، لا مُجرَّد المشكلة!
وأخيرًا، أخبرنا في التعليقات رأيك حول دور هندسة البترول في مشهد الطاقة في المستقبل. هل تتَّفق مع المقال بأنَّ التجديد الذي تشهده هندسة البترول سيكون كفيلًا بضمان مكان لها بين مصادر الطاقة في المُستقبل، أمَّ أنَّ المصادر الجديدة والمُتجدِّدة ستستبدلها بالكامل؟ شاركنا رأيك، ولا تنسَ كذلك الاشتراك في موقعنا حتى لا يفوتك أي جديد!
اقرأ أيضًا: ما هي تخصصات المستقبل الخضراء؟
اقرأ أيضًا: تعرف على التسويق الأخضر وأهدافه ومميزاته
اقرأ أيضًا: 10 من أفضل تخصصات الهندسة التي ستجعلك ثريا
المصادر: spe، energiesmedia، cpg، novilabs، gradprograms، linkedin، jpt
انضم الآن إلى منصة فرصة لتتمكن من التقديم على آلاف الفرص المجانية والحصول على أحدث الفرص فور صدورها.
مهندس ميكانيكا باور من مصر، أعمل على تصميم وتطوير أنظمة الطاقة والماكينات التي تعتمد على القوى الحركيَّة. لكن شغفي الحقيقي يكمن في البحث والكتابة، حيث أؤمن أنها وسيلة قوية لنقل الأفكار والتأثير في العالم من حولي.
دائمًا ما أسعى لإلهام الآخرين وتشكيل رؤيتهم حول مواضيع متنوعة مثل التكنولوجيا، الثقافة، العلوم، والتنمية الشخصية. لذلك، اخترت ملاحقة شغفي من خلال عملي في كتابة المقالات على موقع "فرصة"، إحدى أهم منصات صناعة المحتوى في الشرق الأوسط.